• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    حقوق الأولاد (2)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    مقومات نجاح الاستقرار الأسري
    د. صلاح بن محمد الشيخ
  •  
    تطوير المهارات الشخصية في ضوء الشريعة الإسلامية
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    المحطة الحادية عشرة: المبادرة
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    تحليل محتوى المواقع الإلكترونية لحوادث انتشار ...
    عباس سبتي
  •  
    طلب طلاق وشكوى عجيبة
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    المحطة التاسعة: العادات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    هبة فيها النجاة!
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    تربية الأطفال في ضوء توجيهات سورة الحجرات
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    السلاسل الحقيقية لا ترى!
    أمين محمد عبدالرحمن
شبكة الألوكة / مجتمع وإصلاح / تربية / التربية والتعليم
علامة باركود

اتهام المجتمع في قصة "علي مبارك" المقررة على السادس الابتدائي

اتهام المجتمع في قصة "علي مبارك" المقررة على السادس الابتدائي
فريد البيدق

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 8/3/2016 ميلادي - 28/5/1437 هجري

الزيارات: 17554

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

اتهام المجتمع في قصة "علي مبارك" المقررة على السادس الابتدائي

 

(1)

أنقُلُ هنا بعضَ ما قلتُهُ في مقال "عندما يكون الكاتب تابعًا لشخصيته الأدبية"؛ لصلاحيته أن يكون مقدمةً لهذا المقال.

 

ماذا قلتُ؟

قلتُ: "إنَّ عَلاقة الكاتبِ بشخصياتِ أعمالِه الفنيةِ يجب أن يسودَها احترامُ عقلِ القارئِ المنضبط بضوابطِ الواقع، فإذا صادَمَ الكاتبُ ذلك محاباةً لشخصيته الأدبية، فإنَّ هذا يُعَدُّ خلَلًا فَنِّيًّا يَضُرُّ عَمَلَهُ، كيف؟ عندما تكونُ مُهِمَّةُ الكاتب هي تسويغَ مواقفِ شخصيتِه الأدبيةِ المتناقضةِ من خلالِ تعليقِه المباشرِ، فإنَّ ذلك يُحِيلُ عملَه الفَنِّيَّ إلى عَبَثِيَّةٍ، ويجعلُه أضعفَ من شخصيَّتِهِ الأدبية، ويجعلُ عملَه الأدبيَّ ضعيفًا".

 

لِمَ أقولُ ذلك؟

لأَنَّ مَن يقرأُ القصة قراءةَ تأمُّلٍ - أو بعضَ تأمُّلٍ - يَلْحَظُ تناقضَ الكَاتِبِ، النابعَ من تبعيَّتِهِ شخصيَّتَهُ الأدبيَّةَ، كما لو أنه يكتب هذه القصةَ لِيُسَوِّغَ تصرفاتِ "علي مبارك" فقط، حتى لو اتَّهَم المجتمع العامَّ والخاصَّ، وحتى لو تناقَضَ - هو نفسه - في هذه التسويغات، سواءً أكان الموقف عَجْزًا أم قوةً.

 

كيف ذلك؟


(2)

كان أول عَجْزٍ لـ"علي مبارك" عدم رغبته في العودة إلى كتاب الشيخ "أبي خِضْر" لتثبيت حفظه القرآن الكريم، فلِمَ رفض تلك العودة؟

 

رَفَضَ لِأَجل الاتِّهامِ الأول.

 

ما الاتهامُ الأولُ؟

الاتهام الأول الذي وضحته في مقالي "تلويث القِيَمِ في المخرجِ التعليميِّ للقصصِ الترْبَوِيِّ".

 

كيف؟

قال الكاتب في ص21 واصِفًا شيخ الكُتَّابِ الذي ذَهَبَ إليه علي مبارك: "عندما ذهب الصبيُّ إلى الشيخ أبي خِضْرٍ في كُتَّابِهِ، وَجَدَهُ كَاشِرَ الوَجْهِ، قَاسِيَ الطَّبْعِ، بِجَانِبِهِ عَصًا غَلِيظَةٌ".

 

ثُمَّ يمضي الكاتب فيُظْهِرُ لنا "علي مبارك" فَيْلَسُوفًا تَرْبَوِيًّا، على الرَّغْمِ من أن عُمُرَهُ ثماني سنوات - حَسَبَ ترتيب الأحداث الذي اختاره المؤلف.

 

كيف؟

يقول الصبي: "وقال لنفسه - في أَلَمٍ شديد -: هل يليق بالمعلم أن يكون بمثل هذه القسوةِ؟ وهل جئنا إلى هنا لنتعلمَ الجُبْنَ والخوفَ؟".

 

هكذا يَتَّهِمُ المجتمعَ - الذي هو شيخُ الكُتَّابِ والأَبُ - لمصلحةِ رغبةِ طفلٍ لا يَفْقَهُ إلَّا رغبتَهُ غيرَ الصحيحةِ؛ فهل أَعْلَنَهَا الكاتب على حقيقتها؟

لا.

 

كيف؟

يقول الكاتب في سَرْدٍ مُنْحَازٍ إلى ما يراه هو: "فانفجر الصبي صائِحًا في قوة وعزم".

 

انفجر صائحًا في وجه مَن؟

في وجه أبيه الذي يحاوره، هكذا يَكْتَسِبُ الطفلُ ذو ثمانية الأعوام القوةَ والعزمَ والانفجارَ مع أبيهِ الذي يُوَجِّهُهُ لتثبيت حفظ كتاب الله! وبعد هذه القوة والعزيمة جَعَلَ الكاتبُ الصبيَّ يقول: "وأعود مرةً أخرى إلى العصا الغليظة والمعاملةِ القاسيةِ، وأتعلم الخضوعَ والمذلةَ والجبنَ؟ لا، لن أعود أبدًا إلى ذلك الشيخ".

 

هكذا لا يدعنا الكاتب إلَّا بعد أن يخبرَنا أن "علي مبارك" ليس عاجزًا، بل صاحبُ فلسفةٍ تربويةٍ، وأنَّ المجتمعَ هو المخطئُ؛ بل قد يكون هو الخاطئ.

 

(3)

ثم ماذا؟

ثم نمضي إلى العَجْزِ الثاني الذي يَتَّهِمُ فيه المجتمعَ.

 

ما هو؟

إنه ما حكاه الكاتب (ص26 في ط2015/2016م) من قوله: "وسُرَّ الصبيُّ كثيرًا حين ذَهَبَ إلى ذلك الكاتب، ورأى ثيابَهُ النظيفةَ ومَلابسَه الحسنَةَ، وجعلَ يقولُ لنفسه في فرح شديدٍ: بلغتَ يا عليُّ ما كنتَ تتمَنَّى! هذا هو المكانُ الذي كنت تحلمُ به، وسوف تتعلمُ فيه أحسنَ تعليمٍ، وتقيمُ أحسنَ إقامةٍ مع هذا الرجلِ الظريفِ النظيفِ العطوفِ الذي لا يَضْرِبُ ولا يَشْتِمُ ولا يؤذي، ولن يَحْرِمَكَ شيئًا مثل الشيخ أبي خضر"!


لقد صَادَقَ "علي مبارك" مجتمَعَه الجديدَ ورَضِيَ عنه، فهل يستمرُّ؟

لا.

 

كيف؟

يقول الكاتب بعد الفقرة السابقة مباشرة: "لكنَّ ظنَّه كان خاطئًا؛ فقد غَرَّهُ المظهرُ ولم يعلمْ ما وراءه؛ فسريعًا ما ظهرت له الحقيقة المُرَّة".

 

إذًا، عاد الكاتب لاتهام المجتمع، فهل أصاب؟

يُعَلِّلُ الكاتب هذه الخيبة بقوله في ص 26 وص27: "فلم يجد في بيتِ هذا الرجلِ الهدوءَ الذي كان يَنْشُدُهُ، ووَجَدَهُ يَمُوجُ بالضجةِ؛ لكثرة عيال الرجل من زوجاته الثلاث، ثم وجده يقترُ عليه في الطعام، فلا يُعْطِيهِ ما يُشْبِعُه، وفي كثير من الليالي يَحْرِمُهُ منه، فَيَبِيتُ جائعًا، فإذا خرج إلى العمل أَخَذَهُ معه لا يُعَلِّمُهُ، بل لِيَتَّخِذَهُ خادمًا يَخْدُمُهُ، مع إهانَتِه وسبِّه وشتمِه، فلم يُطِقْ هذا الجوَّ الكئيبَ، وعادَ إلى أبيه يشكو إليه هذا الكاتبَ المعلمَ الذي يُؤْذِيهِ، ولا يستفيدُ شيئًا منه".

 

فهل كان المجتمع هنا جائرًا كما توهَّمَ الصبيُّ الذي لا يفقهُ الواقعَ؟

لا.

 

كيف؟

معلومٌ أن التعلُّمَ المِهنيَّ يكون بالملاحظة لا بالتعليم المباشر، وإلى الآنَ مَنْ يعملُ في ورشةِ حِدادةٍ أو نِجارةٍ أو في مَخْبَزٍ أو في أَيِّ حِرْفَةٍ، يُعَاوِنُ ويُلاحِظُ ويَتَعَلَّمُ؛ لِذا تَطُولُ فترةُ التَّعَلُّمِ؛ فهل كان كاتبُ القصةِ يريدُ أن يَفْتَحَ الكاتِبُ فصلًا دراسيًّا لـ"علي مبارك" ويُدَرِّسه شهرًا أو أسبوعًا ويُخَرِّجه؟

 

ولو توهم الكاتب ذلك أيكون واقعيًّا، أو يكونُ تفكيرُه صائبًا؟

لا.

 

إذًا، الذي يجب أن يُتَّهَمَ هو الصبيُّ لا المجتمعُ، لكن الكاتبَ اتَّهَمَ المجتمع من جديد، ولم يكْتفِ باتِّهامِ الكاتب عندما عَجَزَ "علي مبارك" عن التعلم، بل اتَّهَمَ الأَبَ أيضًا.

 

كيف؟

لقد اتَّهمَ الأبَ عندما حَزِنَ من عَجْزِ ابنه المتكرِّر، وعندما أزعَجَه كلامُ ابنِه السَّيِّئُ على أستاذِه ومُعلِّمِه، جَعَلَهُ الكاتب غافِلًا.

 

كيف؟

يقول الكاتب (ص 29): "وفات الشيخ مباركًا أن يقرأ ما في وجهِ صغيرِه كما قرأه في المرة السابقة؛ ليَتبيَّنَ ما فيه من العزم على أمر خطير، ويَعرِف أنَّ الشدة لا تفيد، وأنَّه كان ينبغي أن يَرِقَّ مع ابنه؛ حتى لا يَزِيدَهُ كراهِيَةً لما هو فيه، ويَدْفَعَهُ إلى شيءٍ لا يحبُّه".

 

هكذا صارت رغبة الأب في تقويمِ ولدِه وإفهامِه - غفلةً وشِدَّةً مذمومةً، جعلت "علي مبارك" يَهْرُبُ من البيت في طبعات القصة السابقة، لكن هذا الهروب لم يذكر إلا ضِمْنًا في ط2015/2016م كما أوردت في مقالي (وهمُ التصحيحِ التربويِّ في طبعة 2015/2016م في الفصل الثاني من قصة "علي مبارك").

 

(4)

ثم ماذا؟

ثم يأتي العَجْزُ الثالثُ الذي يَتَّبِعُ فيه كاتبُ القصةِ السَّنَنَ نفسَه باتهامِ المجتمعِ؛ ليُخَفِّفَ خَيْبَةَ "علي مبارك" المتكرِّرَةَ.

 

ما هو العَجْزُ الثالث؟

بعد العَجْزِ السابق، وعودةِ "علي مبارك" إلى البيت، قال الأبُ - كما ورد ص30 -: "وصدرُه مملوءٌ بِالهَمِّ والحُزْنِ: وما رَأْيُكَ يا عليُّ في أن تَعْمَلَ مع كاتبٍ من الكُتَّابِ الذين يَقِيسُونَ الأراضِيَ للفَلَّاحين، يُعَلِّمُكَ قياسَ الأراضي وتوزيعَها، وذلك عمل نظيف مريح؟ قال الصبي في اعتزاز بنفسه: أُجَرِّبُ يا والدي هذا العمل أَوَّلًا، فإذا أعجبني وإِلَّا بَحَثْتُ عن عمل آخَرَ يعجبُني ويُرْضِي نفسي؛ فإني أَوَدُّ أن أكونَ من الكُبَرَاءِ، ولن أرضَى بغير ذلك أبدًا أبدًا".

 

فهل نجح "علي مبارك" هذه المرة؟

لا.

 

لمَ؟

يقول الكاتب (ص37 وص38): "ولَمَّا عمِل الصبيُّ معَه رَضِيَ بعمله، واطْمَأَنَّ إلى مُصاحَبَتِهِ؛ فقد وجد أنَّه ينالُ شيئًا من المال الذي يدفعُهُ الفلاحون له، لكنَّه لم يمكث طويلًا معه، وطردَهُ بعد ثلاثةِ أشهرٍ من خدمته؛ لأنه كان - لصِغَرِهِ - يتحدثُ إلى الناس ببساطة عما يأخذُه الكاتب من الفلاحين، ولا يَعْرِفُ خَطَرَ ذلك عليه".

 

أول مرَّةٍ يعترفُ الكاتب بخطأ "علي مبارك"، لكنه سُرْعَان ما يُسَوِّغُهُ بصِغَرِ سِنِّهِ؛ "علي مبارك" الذي كان على بُعْدِ صفحات فيلسوفًا وحكيمًا، صار فجأةً طفلًا صغيرًا ساذَجًا غُفْلًا مِن الخِبْرَةِ؛ فلا يَحْمِلُ عليه ولا يَذُمُّهُ كما يفعل مع المجتمع عند تسويغ أخطاءِ الصبي.

 

(5)

ثم يتكررُ العَجْزُ الرابع مع كاتب مأمورية أبي كبير بالشرقية، الذي يحكي الكاتب قصته (ص 38) قائلًا: (ثم أَلْحَقَهُ بكاتبٍ؛ كاتِبِ مأموريَّةِ أبي كبير بالشرقية بأجْرٍ قدرُهُ خمسون قرشًا في الشهر، لكنه لم يستمرَّ طويلًا في هذا العمل؛ إذْ وَجد أنه يَخْدُمُ هذا الكاتب بصدقٍ وأمانةٍ، ومع ذلك يأكلُ عليه أجرَهُ ولا يعطيه شيئًا غيرَ الطعامِ، مَكَثَ على هذا الحال ثلاثةَ أشهرٍ حتى ساءت حالُهُ، فعزم على أن يأخذ حَقَّه بالحيلة).

 

إن تغاضينا عن عامِّيَّةِ تعبير "يأكل عليه أجره"، فلنا أن نسأل: ما الحيلة؟

ذكرها (ص39) قائلًا: (وذات يوم بعثه الرجل ليَقْبِضَ بعضَ المال، فقَبَضَه، وأخذ منه مِقْدَارَ أَجْرِه، وذهب إلى الكاتب، وسلَّمَه كيس النقود، وأخبره أنه أخذ مائةً وخمسينَ قرشًا قيمةَ أجرِه عن ثلاثة أشهر، وتركه وانصرف مُسْرِعًا قبل أن يُمْسِكَ به).

 

هكذا عاد الكاتب سريعًا إلى دَيْدَنِهِ في اتِّهامِ المجتمع، مُمَثَّلًا في شَخْصِ الكاتب هذه المرة، الذي لم يُعْطِهِ حقَّه، على الرَّغم من أن صنيعَ الكاتب قد لا يكون بهذه الصورة الشائهة.

 

لِمَ؟

لأنه مع تَكرارِ عَجْزِ "علي مبارك" قد يحتمل أنْ يَتَّفِقَ الأبُ مع الكاتب على أن يَقْبِضَ هو الأجرَ، وأن يتعلَّمَ الصبيُّ فقط؛ لكننا سنتجاهل ذلك، ونسيرُ مع الكاتب فيما زعمه، فهل يصحُّ تصرف "علي مبارك"؟ وهل تجوز حيلتُه؟

لا.

 

لماذا؟

لأن لِأَخْذِ الحقِّ في المجتمع المدني طُرُقًا ووسائلَ مشروعةً يجب أن يسلُكَهَا السالك، حتى إذا فَرَغَ منها، جاز له الاحتيال، فهل انْتَصَفَ الكاتبُ من "علي مبارك" وذكر أنه أخطأ كما يتهم المجتمع؟

 

لا.

كيف؟

إنه أَثْنَى خيرًا على تصرُّفِ الصبي عندما قال ص39: "فثار الكاتب ثورة شديدة لذلك التصرف الجريء".

 

لماذا ثار الكاتب؟

ثار لذلك التصرُّفِ الجريءِ! التصرف الجريء!


ما هذا؟

إنه مَدْحٌ من الكاتب لتصرُّفِ الصبيِّ بوصفه إياه بِالجُرْأَةِ، فما القيمةُ التربويةُ لمدح فِعْلِ الصبيِّ الخاطئِ؟


إنها تعليمُ صبيةِ الصفِّ السادسِ انتهاجَ النهجِ عينِه، وبعد ذلك يشكو المجتمعُ التشددَ والبلطجةَ، ويكونُ السبب في مِثل هذه المواقف غير المسؤولة.

 

فهل اكتفى الكاتب بذلك؟

لا.

 

ماذا فعل؟

وسَّعَ دائرة اتهام المجتمع.

 

كيف؟

يقول الكاتب ص 39: "فذهب إلى المأمور وأخبره بما حدث، فغضب هو الآخر وثار، واتفَقَا معًا على الانتقام من هذا الولد الجريء الذي لا يخاف أحدًا".

 

ما هذا؟

إنه اتفاق بين كاتب مأمورية أبي كبير بالشرقية مع مأمور الشرطة ضد الصبيِّ، الصبيُّ ذو ثمانيةِ الأعوام! وهكذا يتفرَّغُ المأمور للانتقام من هذا الصبي! هكذا تتآمَرُ دوائرُ المجتمعِ الرسميِّ ضدَّ "علي مبارك".

 

فماذا فعل المأمورُ ممثلُ الحكومة؟

دَبَّرَ مكيدةً، وكأنه عاجزٌ، وكأن "علي مبارك" قوةٌ قاهرةٌ!

 

كيف؟

يقول الكاتب (ص 39، وص40): "وفي هذا الوقت جاء إلى المركز طلبٌ من الحكومة باختيار بعض الشبان للخدمة العسكرية، فانتهز المأمور الفرصة ودعا الفتى إليه وقال له في هدوء:

• تعلم يا عليُّ أنني مسرور منك كثيرًا، ولا أثق بأحد غيرِك يقوم بالأعمال المهمة.


• نعم يا سيدي، وأشكرُك كل الشكر على هذه الثقة التي أعتز بها.


• تذهبُ إلى السجن مُسْرِعًا لتُسَجِّلَ أسماء من فيه، فمطلوبٌ منا اختيارُ بعض الشُّبَّان للخدمة العسكرية، وعسى أن تجد بينهم من يَصْلُحُ لها.


وجازت الحيلة على الولد الطيب المسكين، وذهب مسرعًا إلى السجن، فإذا برجال المأمور يحيطون به، ويضعون في رقبته قيدًا من حديد، ويُلقونه في السجن المظلم".

 

هكذا تتآمر الدولة على الصبي "علي مبارك"!

ولن أُعَلِّقَ ببِنْتِ شفة، وسأترك القارئ يسترجع الأحداث، ويعيد القراءة ويقوِّم، ويحكم.

 

(6)

ثم يأتي العَجْزُ الخامس الذي إن تُرك "علي مبارك" إلى نفسه فيه، لَفَعَلَ ما فَعل سابقًا، لكنَّ الإجراءاتِ الإداريةَ منعته.

 

كيف؟

في الفصل الرابع يدلل الكاتب على طموحِ "علي مبارك"، وتضحياته لدخول مدرسة "قصر العيني"، وتحدِّيه الجميع في سبيل ذلك، فماذا فعل عندما دخلها؟

 

يجيبنا الكاتب (ص 57 وص58): "لم يجد الفتى مدرسة قصر العيني كما كان يتخيل، ووجدها بعيدةً كل البُعد عما سمع من فَرَّاش "عنبر أفندي"، حتى اعتقد بأن ما حُكِيَ عنها أوهامٌ من نسج الخيال؛ فقد كان القائمون على التعليم يؤذون التلاميذ بالضرب والإهانة من غير حساب ولا حرج، وكانت مفروشاتهم حُصُرَ الحلفا وأحرمة الصوف الغليظة...".


ها هو الكاتب يساير "علي مبارك" في رؤيته الأشياء والأشخاص، وها هو يتهم الدولة مُمَثَّلَةً في مجتمع المدرسة، ولو أهملنا ذلك الاتهام الذي اعتدناه، فلنا أن نسأل: ماذا يفعل "علي مبارك" الذي اعتاد الهروب؟

 

يقول الكاتب (ص58 وص59): "وقد حاول أبوه أن يُخَلِّصَهُ من هذا النظام الذي سيحرمه ابنه، وحاول هو أن يخلص نفسه منه بالهروب، وقد تيسر له أكثر من مرة، لكنه تذكَّر أهله وما سوف يصيبهم من البلاء الشديد إذا فر هاربًا؛ فقد كانوا يطلبون الفارين في كل مكان، ويقبضون على أهلهم، ويقيدونهم بقيود من حديد، ويُهينونهم أكبر إهانة، فعَدَلَ عن فكرة الهروب؛ حفاظًا على أهله".

 

كان سيهرُب على عادته لولا شدة الإجراءات التأديبية الإدارية، فهل ذَمَّ الكاتب فكرة الهروب هذه واتهم "علي مبارك" كما يفعل مع المجتمع؟

 

لا.

 

(7)

ثم استمر سَنَنُ اتهام المجتمع حتى بعد تولي "علي مبارك" نِظَارةَ المعارف وتركِه إياها.

 

كيف؟

يقول الكاتب في الفصل السابع (ص 87 وص 88): "ظلت حياة "علي مبارك" رَخِيَّةً هَنِيَّةً طيلة حكم عباس، فلما ذهب وجاء سعيد، وَجد أعداءُ عليٍّ وحُسَّادُه من أُذُنَيِ الوالي الجديد وعاءً واسعًا صَبُّوا فيه أكاذيبَهم المحبوكة، فأبْعَدَه عن نِظَارَة المعارف، ثم أراد أن يُبعِدَه عن الحياة كلها، فانتهز فرصة...".

 

على الرغم من أن الموقف مختلف؛ فـ"علي مبارك" هنا لم يعجز، لكنها السياسة التي يأتي فيها الحاكم فيغيرُ ويُبَدِّل فيما صنعه سلفُه، فإن الكاتب اتَّهم مجتمعَ السياسة حينما رَدَّ إقصاء "علي مبارك" إلى أكاذيبهم المحبوكة فقط، مع كَوْنِ هذا الإقصاءِ قد يَقْبَلُ أسبابًا كثيرة، منها: رغبةُ الحاكم الجديد في صُنْعِ رجالٍ له وعدم الاعتماد على رجالِ سلفِه، أو غضبُ الحاكم الجديد من "علي مبارك" لأشياءَ وتصرفاتٍ ذاتيَّة، أو غضبُه منه لتصرفاتٍ حيالَه زمنَ كان في ولاية الأمر، أو أيُّ أسباب أخرى.

 

لم يُشِر الكاتبُ إلى احتمالٍ واحدٍ من هذا، بل اقتصر على مجتمع السياسيين فقط كما أشرتُ، ولَيْتَهُ اقتصر عليهم، بل نجده يصل إلى مجتمع التجار فيَتَّهِمُهم.

 

كيف؟

قال الكاتب (ص91 وص92): "وفتح المزاد وبدأ البيع والشراء، وتَقَدَّم التجارُ يعطون أثمانًا زهيدةً لِما يُباع، ونظر علي وسَمِع فأخذته الدهشة مما يرى ويسمع، وجعل يحدث نفسه في عجب: هذه الأشياءُ الثمينةُ التي ليس لها مثيل، تُباع بأبخس الأثمان... ويا ليت التجار يدفعون تلك الأثمان القليلة على الفور، بل يؤجلونها إلى آجال بعيدة، فينالون من ذلك أرباحًا كثيرةً".

 

ومعلوم أن دَيْدَنَ التجار هو الرغبةُ في الربح، فهذا ليس شيئًا يُسْتَغْرَبُ منهم، لكنَّ التقسيطَ نظامُ دولةٍ، فالقائمون على أمر المزاد موظفون؛ لذا لا يُلام التجار عليه.

 

(8)

هكذا رأينا أن اتهام المجتمع هو سمة الكاتب في كل مراحل حياة "علي مبارك"، وفي جُلِّ المرات كان اتهامًا باطلًا مُدَّعًى، فهل تُعَدَّلُ أو تُلْغَى؟

 

أدعو وأرجو!





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تناقضات الفصل الثاني من قصة "علي مبارك" المقررة على السادس الابتدائي
  • وهم التصحيح التربوي في طبعة 2015 / 2016م في الفصل الثاني من قصة علي مبارك
  • اعتبارات عدم منطقية بعض أحداث قصة "علي مبارك"
  • "التف، وتحلق" الكلمتان الإشكالان في الوحدة الأولى للسادس الابتدائي، الفصل الدراسي الآخر
  • مدير المدرسة الابتدائية: نظرة مختصرة

مختارات من الشبكة

  • في قفص الاتهام الذهبي (قصة قصيرة)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • قصة يوسف: دروس وعبر (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تعريف القصة لغة واصطلاحا(مقالة - موقع د. أحمد الخاني)
  • بين الإدانة والإبانة(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • الابتلاء بالعطاء في ظلال سورة الكهف(مقالة - آفاق الشريعة)
  • قصص فيها عبرة وعظة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ملخص لخصائص القصة الشعرية إلى عصر الدول المتتابعة(مقالة - موقع د. أحمد الخاني)
  • إيذاء الاتهام في العرض(استشارة - الاستشارات)
  • حول اتهام موسى عليه السلام بعدم البيان!(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إيطاليا: إمام فلورنسا يتصدى لاتهامات مضادة للمسلمين(مقالة - المسلمون في العالم)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 18/11/1446هـ - الساعة: 8:24
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب